يعد ديربي ميلانو أحد أكثر المباريات إثارة في عالم كرة القدم، ويجمع بين اثنين من أكبر الأندية في إيطاليا والعالم: إنتر ميلان وإيه سي ميلان. وعندما يتواجه هذان العملاقان في نهائي كأس السوبر الإيطالي، يصبح الحدث أكثر من مجرد مباراة؛ بل هو صراع على الهيمنة في المدينة وأيضاً على لقب غالي، حيث يُتوج الفريق الفائز بلقب كأس السوبر الإيطالي في بداية كل موسم. وفي هذه المباراة تحديداً، كانت الإثارة في ذروتها، حيث تقابل الفريقان في واحدة من أشرس المباريات في تاريخ البطولة، محاطين بتوقعات جماهيرية ضخمة وعاطفة جارفة.
تفاصيل مباراة إنتر ميلان ضد ميلان في نهائي كأس السوبر الإيطالي: صراع عاطفي على اللقب
خلفية تاريخية
يُعتبر ديربي ميلانو أو كما يُعرف بـ "ديربي della Madonnina" واحداً من أكثر الديربيات شهرة في تاريخ كرة القدم. يعود تاريخ اللقاءات بين إنتر وميلان إلى أكثر من قرن من الزمان، حيث يلتقي الفريقان بشكل مستمر في الدوري الإيطالي وفي مختلف البطولات المحلية والدولية. على الرغم من أن الفريقين ينتميان لنفس المدينة، إلا أن التنافس بينهما يتجاوز حدود كرة القدم ليشمل جوانب ثقافية، اجتماعية، وحتى سياسية.
في هذا السياق، جاء نهائي كأس السوبر الإيطالي ليضيف فصلاً جديداً إلى هذا التنافس التاريخي، خصوصاً بعدما توج إنتر بلقب الدوري الإيطالي في الموسم الماضي، بينما حصل ميلان على لقب دوري أبطال أوروبا. وكانت المباراة بمثابة فرصة لكلا الفريقين لتأكيد قوتهما في الساحة المحلية والإقليمية.
سياق المباراة
تُعتبر كأس السوبر الإيطالي مباراة تقام عادة بين بطل الدوري الإيطالي وبطل كأس إيطاليا، لكن في بعض الأحيان يحدث أن يلتقي بطل الدوري مع بطل دوري الأبطال، كما كان الحال في هذا النهائي. وجاء إنتر ميلان إلى هذه المباراة كبطل للدوري الإيطالي، بينما كان ميلان بطلًا لدوري أبطال أوروبا، مما زاد من قيمة المباراة وأهمية الفوز فيها.
التوقعات الجماهيرية
نظرًا للمكانة العالية التي يحتلها الفريقان في تاريخ كرة القدم الإيطالية، كانت جماهير كل فريق تترقب بشغف من سيحسم اللقب لصالحه في هذا الصراع الذي يمتد لعقود. دخل إنتر ميلان المباراة برغبة قوية في إثبات تفوقه المحلي، خاصة بعد فوزه بلقب الدوري في الموسم الماضي. من جانب آخر، كان ميلان يطمح في استعادة التوازن بعد سنوات من التراجع، مستندًا على نجاحه في دوري أبطال أوروبا تحت قيادة مدربه ستيفانو بيولي.
التشكيلة وأبرز اللاعبين
دخل الفريقان المباراة بتشكيلات قوية تعكس رغبة كلا المدربين في تحقيق اللقب. بدأ إنتر ميلان المباراة بتشكيلة شملت بعض أبرز لاعبيه مثل:
- سمير هاندانوفيتش (حارس مرمى)
- لاوتارو مارتينيز (مهاجم)
- إدين دجيكو (مهاجم)
- مارتينيز و بروما (لاعبو وسط)
- ماتيو دارميان و جواكين كوريا في الهجوم.
أما إيه سي ميلان فدخل المباراة بتشكيلة ضمت:
- مايك مينيان (حارس مرمى)
- رافائيل لياو (جناح)
- أوليفييه جيرو (مهاجم)
- ثيو هيرنانديز (مدافع هجومي)
- سندرو تونالي و إسماعيل بن ناصر (لاعبو وسط).
في ظل غياب بعض اللاعبين البارزين بسبب الإصابات، كانت هذه المباراة بمثابة اختبار حقيقي لقوة العملاقين رغم التغييرات الطفيفة في التشكيلة.
أحداث المباراة: لحظات دراماتيكية وتكتيك فني متقن
بدأت المباراة في أجواء حماسية للغاية، وسط حضور جماهيري كبير في الرياض حيث كانت المباراة تقام على ملعب "الملك فهد الدولي" بسبب الظروف الاقتصادية والتسويقية التي جعلت الاتحاد الإيطالي يقرر إقامة البطولة في الخارج. ضغط ميلان في بداية اللقاء وظهر رغبة كبيرة في فرض أسلوب لعبه الهجومي.
في الدقائق الأولى من المباراة، فرض إنتر ميلان سيطرته على الكرة، وسعى الفريق للاستفادة من سرعة لاوتارو مارتينيز وإدين دجيكو في الهجوم، بينما بدأ ميلان في محاولة خلق فرصه من خلال اندفاع ثيو هيرنانديز على الجهة اليسرى ورافائيل لياو الذي كان يشكل دائمًا تهديدًا على مرمى الحارس سمير هاندانوفيتش.
الشوط الأول: الهدوء الذي يسبق العاصفة
لم تشهد الدقائق الأولى من المباراة أهدافًا، لكن كانت هناك عدة محاولات من كلا الفريقين. كانت المباراة مليئة بالتكتيك والاحتياطات الدفاعية، خاصة من جانب إنتر الذي حاول إغلاق المساحات على ميلان وتجنب أي هجمات مرتدة قد يشكلها الفريق الأحمر والأسود.
في الدقيقة 35، سجل إنتر ميلان هدفًا رائعًا من هجمة مرتدة سريعة، حيث تبادل مارتينيز ودجيكو الكرة في عملية بناء لعب جميلة، انتهت بتسديدة قوية من مارتينيز في الزاوية العليا للمرمى. الهدف أظهر قوة الإنتر الهجومية، وأثار فرحة عارمة في مدرجات جماهيره.
ميلان، وعلى الرغم من تلقيه الهدف، لم يفقد الأمل. استمرت محاولات الفريق في السيطرة على الكرة، خاصة في وسط الملعب بفضل بن ناصر و تونالي، لكن إنتر نجح في إغلاق الطرق المؤدية إلى مرمى هاندانوفيتش.
الشوط الثاني: الميلان يضغط وإنتر ينجح في الصمود
في الشوط الثاني، اندفع ميلان نحو الأمام بكل قوته، في محاولة لاستعادة التعادل. في الدقيقة 58، كان جيرو قريبًا من إحراز هدف التعادل بعد عرضية رائعة من لياوم، لكن تسديدته كانت فوق العارضة. استمر الضغط الميلاني في الدقائق التالية، حيث كان الفريق الأحمر والأسود قريبًا من التسجيل في أكثر من مناسبة، لكن كان دفاع إنتر بقيادة ستيفانو دي فري وميلان سكرينيار صامدًا، متصديًا لكافة محاولات ميلان.
في الدقيقة 75، أضاف إنتر ميلان هدفًا ثانيًا عن طريق دجيكو بعد هجمة منظمة بدأها بروما. الهدف عزز من تقدم إنتر وأدى إلى تراجع معنويات ميلان، الذي لم يستطع في النهاية اختراق دفاعات الفريق الأزرق.
النهاية والنتيجة
انتهت المباراة بفوز إنتر ميلان 2-0 على ميلان، ليحقق الفريق الأزرق اللقب السادس في تاريخه بكأس السوبر الإيطالي.
الخاتمة: لحظة فارقة في تاريخ الناديين
مثل هذا اللقاء لا يقتصر فقط على كونه مباراة على اللقب، بل يمثل لحظة فارقة في تاريخ الناديين. فقد أثبت إنتر ميلان قوته في المنافسة المحلية، بينما تكبد ميلان هزيمة موجعة رغم الأداء الجيد في الشوط الثاني. قدم إنتر ميلان أداءً تكتيكيًا متقنًا تحت إشراف مدربه سيموني إنزاجي، بينما لم يكن بيولي قادرًا على تعديل مسار المباراة لصالح فريقه رغم محاولات الضغط المتواصلة.
لقد كانت مباراة نهائي كأس السوبر الإيطالي بين إنتر وميلان بمثابة حرب كروية، سطر فيها إنتر اسمه بطلًا، وترك لميلان الكثير من التفكير والتعديل على أسلوب اللعب في المستقبل.